دور الوقف في تقسيم وتعريف الآيات القرآنية إلى المحكم والمتشابه عند علماء التفسير المتقدمين

الملخص

لقد اختلفت آراء علماء التفسير المتقدمين حول تعريف وتقسيم الآيات القرآنية إلى الآيات المحكمة والآيات المتشابهة، حيث قسموا الآيات المتشابهة إلى أنواع مختلفة وعرفوها بطرق مختلفة. وكان للوقف في الآية المتعلقة بالإحكام والتشابه دور أساسي في هذا التقسيم وتلك التعريفات المتنوعة، ونقصد بذلك الوقف في قوله تعالى: "هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ".

    حاولنا في هذا البحث المختصر أن ندرس هذا الدور الذي لعبه الوقف في تعريف المتشابهات وتقسيم الآيات القرآنية إلى المحكم والمتشابه عند المتقدمين من علماء التفسير. لقد استند علماء التفسير المتقدمون في تعريفهم للمحكم والمتشابه وفي تقسيمهم للآيات القرآنية إلى المحكم والمتشابه على "الوقف" الوارد في الآية المذكورة في موضعين، فقد رجح بعضهم الوقف في موضع وأهمل الوقف في موضع آخر، كما رجح البعض الآخر الوقف في الموضع الثاني وأهمل الوقف في الموضع الأول، بينما اعتبر مجموعة منهم الوقف في الموضعين.  أما الجمع الذي رجح الوقف على لفظ الجلالة في قوله تعالى: "وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم" عرف المتشابهات بأنها ما لا يعلم تأويلها إلا الله سبحانه وتعالى.

وأما الجمع الذي رجح الوقف على لفظ "العلم" في "والراسخون في العلم" وأهمل الوقف على لفظ الجلالة في الآية المذكورة، فقد رجحوا في تعريف المتشابه أنها مما يعلم أهل العلم تأويلها.

    وأما من نظر إلى الوقف في الموضوعين واعتبرهما فقد قسموا المتشابه إلى قسمين، وعرف كل قسم بتعريف مستقل، فالنوع الأول من المتشابهات عند هؤلاء ما لا يعلم تأويلها إلا الله سبحانه وتعالى، والنوع الثاني من المتشابه ما يعلم تأويله العلماء الراسخون من بين عامة المسلمين أيضا، وهذا هو الرأي الراجح في تقسيم وتعريف المتشابه، وهذا هو الموقف الصحيح في اعتبار الوقف الوارد في الآية الكريمة.